منع العادة الشهرية في رمضان
تعمد
بعض النساء أخذ حبوب في رمضان لمنع الدورة الشهرية - الحيض - والرغبة في
ذلك حتى لا تقضي فيما بعد فهل هذا جائز وهل في ذلك قيود حتى لا تعمل بها
هؤلاء النساء ؟ .
الحمد لله
الذي أراه في هذه المسألة ألا تفعله المرأة وتبقى على ما قدره الله عز وجل
وكتبه على بنات آدم فإن هذه الدورة الشهرية لله تعالى حكمة في إيجادها ،
هذه الحكمة تناسب طبيعة المرأة فإذا منعت هذه العادة فإنه لا شك يحدث منها
رد فعل ضار على جسم المرأة وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( لا ضرر ولا ضرار
) هذا بغض النظر عما تسببه هذه الحبوب من أضرار على الرحم كما ذكر ذلك
الأطباء ، فالذي أرى في هذه المسألة أن النساء لا يستعملن هذه الحبوب
والحمد لله على قدره وحكمته إذا أتاها الحيض تمسك عن الصوم والصلاة وإذا
طهرت تستأنف الصيام والصلاة وإذا انتهى رمضان تقضي ما فاتها من الصوم .
أخذ حبوب منع الحيض في العشر الأواخر من رمضان
إذا
كانت المرأة يأتيها الحيض في العشر الأواخر من رمضان ، فهل يجوز لها أن
تستعمل حبوب منع الحمل لتتمكن من أداء العبادة في هذه الأيام الفاضلة ؟.
الحمد لله
عُرض هذا السؤال على الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله فقال :
لا نرى أنها تستعمل هذه الحبوب لتعينها على طاعة
الله ؛ لأن الحيض الذي يخرج شيءٌ كتبه الله على بنات آدم
وقد دخل النبي صلى الله عليه وسلم على عائشة وهي
معه في حجة الوداع وقد أحرمت بالعمرة فأتاها الحيض قبل أن تصل إلى مكة فدخل عليها
وهي تبكي ، فقال ما يبكيك فأخبرته أنها حاضت فقال لها إن هذا شيءٌ قد كتبه الله
على بنات آدم ، فالحيض ليس منها فإذا جاءها في العشر الأواخر فلتقنع بما قدر
الله لها ولا تستعمل هذه الحبوب وقد بلغني ممن أثق به من الأطباء أن هذه الحبوب
ضارة في الرحم وفي الدم وربما تكون سبباً لتشويه الجنين إذا حصل لها جنين فلذاك
نرى تجنبها . وإذا حصل لها الحيض وتركت الصلاة والصيام فهذا ليس بيدها بل بقدر
الله .
تنزل منها إفرازات وهي حامل فهل تترك الصلاة ؟
زوجتي
تنزل منها مادة قهوية وليس عليها الدورة الشهرية في بعض الأحيان هل تصوم
وتصلي أم غير ذلك علما بأنها في بداية حمل لمدة شهر ونصف .
الحمد لله
ذهب كثير من أهل العلم إلى أن الحامل لا تحيض وهو مذهب الإمامين
: أبي حنيفة وأحمد رحمهما الله . انظر : " المغني " (1/443) .
وقد اختار هذا القول علماء اللجنة الدائمة للإفتاء . وذهب آخرون إلى أن الحامل قد تحيض وهو مذهب الإمامين مالك
والشافعي رحمهما الله . انظر : " المجموع " (2/411-414) .
وقد اختار هذا القول الشيخ محمد بن إبراهيم وابن عثيمين رحمهما
الله . بشرط أن يكون الدم النازل على صفة دم الحيض وفي وقته . وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (23400)
. وعلى أيٍّ من القولين لا تكون هذه الإفرازات النازلة من زوجتك
حيضاً ، لأنها ليست بصفات دم الحيض وليست في وقته . فتكون زوجتك طاهراً ، فتصلى وتصوم وتفعل ما يفعله الطاهرات .هل التبرج مبطل للصوم ؟
هل التبرج مبطل للصوم ؟.
الحمد لله
أولاً : شرع الله تعالى الصيام لحكم عظيمة ، ومن أهم هذه الحكم والمصالح
المترتبة على الصيام تحقيق تقوى الله تعالى ، قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ
قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) البقرة/183
. والتقوى هي امتثال ما أمر الله به ، واجتناب ما نهى عنه . فالصائم مأمور بفعل الطاعات ، منهي عن فعل المحرمات نهيا مؤكدا ،
فإن المعاصي قبيحة من كل أحد وهي من الصائم أشد قبحا ، ولهذا قال النبي صلى الله
عليه وسلم : ( مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ
فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ) رواه البخاري
(6057)
. راجع السؤال رقم (37989)
، (37658) وروى ابن خزيمة وابن حبان والحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليس الصيام من الأكل والشرب إنما الصيام من
اللغو والرفث ) . وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1082) .
قال عُمَر بْن الْخَطَّابِ وعَلِيّ بْن أَبِي طَالِبٍ رضي الله
عنهما : لَيْسَ الصِّيَامُ مِنْ الشَّرَابِ وَالطَّعَامِ وَحْدَهُ ; وَلَكِنَّهُ
مِنْ الْكَذِبِ , وَالْبَاطِلِ وَاللَّغْوِ . وقَالَ جَابِرٌ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ : إذَا صُمْت فَلْيَصُمْ
سَمْعُكَ , وَبَصَرُكَ , وَلِسَانُكَ عَنْ الْكَذِبِ وَالْمَأْثَمِ , وَدَعْ أَذَى
الْخَادِمِ وَلْيَكُنْ عَلَيْكَ وَقَارٌ وَسَكِينَةٌ يَوْمَ صِيَامِكَ , وَلا
تَجْعَلْ يَوْمَ فِطْرِكَ وَيَوْمَ صَوْمِكَ سَوَاءً . وعَنْ طَلِيقِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ : قَالَ أَبُو ذَرٍّ : إذَا
صُمْت فَتَحَفَّظْ مَا اسْتَطَعْت . فَكَانَ طَلِيقٌ إذَا كَانَ يَوْمُ صِيَامِهِ
دَخَلَ (يعني بيته) فَلَمْ يَخْرُجْ إلا إلَى صَلاةٍ . وكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَصْحَابُهُ رضي الله عنهم إذَا
صَامُوا جَلَسُوا فِي الْمَسْجِدِ وَقَالُوا : نُطَهِّرُ صِيَامَنَا . انظر : "المحلى" (4/305)
وقال بعض العلماء : يَجِبُ عَلَى الصَّائِمِ أَنْ يَصُومَ بِعَيْنَيْهِ فَلا
يَنْظُرُ إلَى مَا لا يَحِلُّ ، وَبِسَمْعِهِ فَلا يَسْمَعُ مَا لَا يَحِلُّ ،
وَبِلِسَانِهِ فَلا يَنْطِقُ بِفُحْشٍ وَلا يَشْتُمُ وَلا يَكْذِبُ وَلا يَغْتَبْ
اهـ . فينبغي للمؤمن أن ينتهز هذا الشهر الكريم الذي تسلسل فيه
الشياطين ، وتفتح فيه أبواب الجنة ، وتغلق فيه أبواب النار ، وينادي مناد يا باغي
الخير أقبل ، ويا باغي الشر أقصر ، فينتهز المؤمن هذا الشهر ليكون أقرب إلى الله ،
فيتوب توبة نصوحا من كل ذنوبه ومعاصيه ، ويعاهد الله تعالى على الاستقامة على دينه
وشرعه . ثانيا : والمعاصي ( ومنها تبرج المرأة وإظهارها زينتها ومفاتنها للرجال
الأجانب عنها ) تنقص ثواب الصيام فكلما كثرت معاصيه وعظمت نقص ثواب صيامه ، وقد
يزول ثوابه بالكلية ، فيكون قد منع نفسه من الطعام والشراب وسائر المفطرات وقد أضاع
ثواب ذلك بمعصيته لله ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( رُبَّ صَائِمٍ
لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلا الْجُوعُ ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ
قِيَامِهِ إِلا السَّهَرُ ) رواه ابن ماجه (1690) . وصححه الألباني في صحيح
ابن ماجه
. قال السبكي في فتاويه (1/221-226) : هَلْ يَنْقُصُ الصَّوْمُ بِمَا قَدْ يَحْصُلُ فِيهِ مِنْ
الْمَعَاصِي أَوْ لا ؟ وَاَلَّذِي نَخْتَارُهُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ يَنْقُصُ وَمَا
أَظُنُّ فِي ذَلِكَ خِلافًا . . . وَاعْلَمْ أَنَّ رُتْبَةَ الْكَمَالِ فِي الصَّوْمِ قَدْ تَكُونُ
بِاقْتِرَانِ طَاعَاتٍ بِهِ مِنْ قِرَاءَةِ قُرْآنٍ وَاعْتِكَافٍ وَصَلاةٍ
وَصَدَقَةٍ وَغَيْرِهَا وَقَدْ تَكُونُ بِاجْتِنَابِ مَنْهِيَّاتٍ . فَكُلُّ ذَلِكَ
يَزِيدُهُ كَمَالا وَمَطْلُوبٌ فِيهِ اهـ . باختصار
. ثالثا : وأما إفساد الصيام بالمعاصي (ومنها تبرج المرأة) فإن الصيام لا
يفسد بذلك بل يكون صحيحا مسقطا للفرض عن الصائم ، ولا يؤمر بقضائه ، ولكن ينقص ثواب
الصيام بفعل المعصية ، وقد يذهب ثوابه بالكلية كما سبق . قال النووي في "المجموع" (6/398) : ( يَنْبَغِي لِلصَّائِمِ أَنْ يُنَزِّهَ صَوْمَهُ عَنْ
الْغِيبَةِ وَالشَّتْمِ ) مَعْنَاهُ يَتَأَكَّدُ التَّنَزُّهُ عَنْ ذَلِكَ فِي
حَقِّ الصَّائِمِ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِهِ لِلْحَدِيثِ , وَإِلا فَغَيْرُ الصَّائِمِ
يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ أَيْضًا وَيُؤْمَرُ بِهِ فِي كُلِّ حَالٍ , وَالتَّنَزُّهُ
التَّبَاعُدُ , فَلَوْ اغْتَابَ فِي صَوْمِهِ عَصَى وَلَمْ يَبْطُلْ صَوْمُهُ
عِنْدَنَا , وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَالْعُلَمَاءُ
كَافَّةً إلا الأَوْزَاعِيَّ فَقَالَ : يَبْطُلُ الصَّوْمُ بِالْغِيبَةِ وَيَجِبُ
قَضَاؤُهُ اهـ . وسئل الشيخ ابن عثيمين في فتاوى الصيام (ص358) : هل تحدث المرء
بكلام حرام في نهار رمضان يفسد صومه ؟ فأجاب : "إذا قرأنا قول الله عز وجل: ( يا أَ
يُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ
الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ
مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) عرفنا ما هي الحكمة من إيجاب الصوم وهي
التقوى ، والتقوى هي ترك المحرمات، وهي عند الإطلاق تشمل فعل المأمور به وترك
المحظور ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (من لم يدع قول الزور ، والعمل به ،
والجهل فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه) . وعلى هذا يتأكد على الصائم اجتناب
المحرمات من الأقوال والأفعال ، فلا يغتاب الناس ، ولا يكذب ، ولا ينم بينهم ، ولا
يبيع بيعاً محرماً ، ويجتنب جميع المحرمات . وإذا اجتنب الإنسان ذلك في شهر كامل
فإن نفسه سوف تستقيم بقية العام ، ولكن المؤسف أن كثيراً من الصائمين لا يفرقون بين
يوم صومهم وفطرهم ، فهم على العادة التي هم عليها من الأقوال المحرمة من كذب وغش
وغيره ، ولا تشعر أن عليه وقار الصوم ، وهذه الأفعال لا تبطل الصيام ، ولكن تنقص من
أجره ، وربما عند المعادلة تضيع أجر الصوم" اهـ . ما الحكمة من تحريم الصوم على الحائض ؟
نريد أن نعرف الحكمة من عدم صيام المرأة مع أن الصيام لا دخل له بالنجاسة .
الحمد لله
أولاً : يجب على المؤمن التسليم لحكم الله تعالى والانقياد له ولو لم
يعرف الحكمة منه ، بل يكفيه أنه أمر الله ورسوله ، قال الله تعالى : ( وَمَا كَانَ
لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ
لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ
ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً ) الأحزاب/36
. وقال : ( إِنَّمَا
كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ
بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
) النور/51
. ثانياً : يوقن المؤمن ويؤمن إيماناً جازماً أن الله تعالى حكيم ، فلا يشرع
شيئاً إلا لحكمة بالغة ، فلا يأمر بشيء إلا لما فيه من المصلحة الخالصة أو الغالبة
، ولا ينهى عن شيء إلا لما فيه من المفسدة الخالصة أو الغالبة ، وما أحسنَ ما قاله
ابن كثير رحمه الله في "البداية النهاية" (6/79) : "وجاءت شريعته (صلى الله عليه وسلم) أكمل شريعة ، لم يبق معروف
تعرف العقول أنه معروف إلا أمر به ، ولا منكر تعرف العقول أنه منكر إلا نهى عنه ،
لم يأمر بشيء فقيل : ليته لم يأمر به ، ولا نهى عن شيء فقيل : ليته لم ينه عنه" اهـ
. لكن هذه الحكمة قد نعلمها ، وقد تخفى علينا ، وقد يخفى علينا
أكثرها أو بعضها . ثالثاً : أجمع العلماء على تحريم الصوم على الحائض ، وأنها يلزمها قضاء ما
أفطرته بسبب الحيض إذا كان الصوم واجبا كصيام رمضان . وأجمعوا أيضا على أنها إذا صامت لم يصح صومها . انظر السؤال رقم
(50282) . واختلف العلماء في الحكمة من عدم صحة الصوم من الحائض . فقال بعضهم : الحكمة غير معلومة لنا . قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ : "وَكَوْنُ الصَّوْمِ لا يَصِحُّ
مِنْهَا لا يُدْرَكُ مَعْنَاهُ , فَإِنَّ الطَّهَارَةَ لَيْسَتْ مَشْرُوطَةً
فِيهَا" اهـ من "المجموع" (2/386).
وقال آخرون : بل الحكمة أن الله تعالى نهى الحائض عن الصيام وقت
الحيض رحمةً بها ، لأن خروج الدم يضعفها ، فإذا صامت وهي حائض اجتمع عليها الضعف
بسبب الحيض وبسبب الصيام ، فيخرج الصوم بذلك عن حد الاعتدال ، وقد يصل إلى حد
الإضرار . قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (25/234) : " فَنَذْكُرُ حِكْمَةَ الْحَيْضِ وَجَرَيَانَ ذَلِكَ عَلَى
وَفْقِ الْقِيَاسِ فَنَقُولُ : إنَّ الشَّرْعَ جَاءَ بِالْعَدْلِ فِي كُلِّ شَيْءٍ .
وَالإِسْرَافُ فِي الْعِبَادَاتِ مِنْ الْجَوْرِ الَّذِي نَهَى عَنْهُ الشَّارِعُ
وَأَمَرَ بِالاقْتِصَادِ فِي الْعِبَادَاتِ ; وَلِهَذَا أَمَرَ بِتَعْجِيلِ
الْفِطْرِ وَتَأْخِيرِ السُّحُورِ وَنَهَى عَنْ الْوِصَالِ وَقَالَ : ( أَفْضَلُ
الصِّيَامِ وَأَعْدَلُ الصِّيَامِ صِيَامُ داود عليه السلام كَانَ يَصُومُ يَوْمًا
وَيُفْطِرُ يَوْمًا وَلا يَفِرُّ إذَا لاقَى ) فَالْعَدْلُ فِي الْعِبَادَاتِ مِنْ
أَكْبَرِ مَقَاصِدِ الشَّارِعِ ; وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى : ( يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا
تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) المائدة/87. فَجَعَلَ
تَحْرِيمَ الْحَلالِ مِنْ الاعْتِدَاءِ الْمُخَالِفِ لِلْعَدْلِ وَقَالَ تَعَالَى :
( فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ
لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا * وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا
وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ ) فَلَمَّا كَانُوا ظَالِمِينَ عُوقِبُوا بِأَنْ حُرِّمَتْ
عَلَيْهِمْ الطَّيِّبَاتُ ; بِخِلَافِ الأُمَّةِ الْوَسَطِ الْعَدْلِ فَإِنَّهُ
أَحَلَّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَحَرَّمَ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ . وَإِذَا كَانَ
كَذَلِكَ فَالصَّائِمُ قَدْ نُهِيَ عَنْ أَخْذِ مَا يُقَوِّيهِ وَيُغَذِّيهِ مِنْ
الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ ، ونُهِيَ عَنْ إخْرَاجِ مَا يُضْعِفُهُ وَيُخْرِجُ
مَادَّتَهُ الَّتِي بِهَا يَتَغَذَّى وَإِلا فَإِذَا مُكِّنَ مِنْ هَذَا ضَرَّهُ
وَكَانَ مُتَعَدِّيًا فِي عِبَادَتِهِ لا عَادِلا . . . وَالْخَارِجَاتُ نَوْعَانِ : نَوْعٌ يَخْرُجُ لا يَقْدِرُ عَلَى
الاحْتِرَازِ مِنْهُ أَوْ عَلَى وَجْهٍ لا يَضُرُّهُ فَهَذَا لا يُمْنَعُ مِنْهُ
كَالأَخْبَثَيْنِ (البول والغائط) فَإِنَّ خُرُوجَهُمَا لا يَضُرُّهُ وَلا
يُمْكِنُهُ الاحْتِرَازُ مِنْهُ أَيْضًا . وَلَوْ اسْتَدْعَى خُرُوجَهُمَا فَإِنَّ
خُرُوجَهُمَا لا يَضُرُّهُ بَلْ يَنْفَعُهُ . وَكَذَلِكَ إذَا ذَرَعَهُ الْقَيْءُ
(أي غلبه) لا يُمْكِنُهُ الاحْتِرَازُ مِنْهُ وَكَذَلِكَ الاحْتِلامُ فِي
الْمَنَامِ لا يُمْكِنُهُ الاحْتِرَازُ مِنْهُ ، وَأَمَّا إذَا استقاء فَالْقَيْءُ
يُخْرِجُ مَا يَتَغَذَّى بِهِ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ . . وَكَذَلِكَ
الاسْتِمْنَاءُ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الشَّهْوَةِ . . وَالدَّمُ الَّذِي يَخْرُجُ
بِالْحَيْضِ فِيهِ خُرُوجُ الدَّمِ ، وَالْحَائِضُ يُمْكِنُهَا أَنْ تَصُومَ فِي
غَيْرِ أَوْقَاتِ الدَّمِ فِي حَالٍ لا يَخْرُجُ فِيهَا دَمُهَا فَكَانَ صَوْمُهَا
فِي تِلْكَ الْحَالِ صَوْمًا مُعْتَدِلا لا يَخْرُجُ فِيهِ الدَّمُ الَّذِي
يُقَوِّي الْبَدَنَ الَّذِي هُوَ مَادَّتُهُ وَصَوْمُهَا فِي الْحَيْضِ يُوجِبُ
أَنْ يَخْرُجَ فِيهِ دَمُهَا الَّذِي هُوَ مَادَّتُهَا وَيُوجِبُ نُقْصَانَ
بَدَنِهَا وَضِعْفَهَا وَخُرُوجَ صَوْمِهَا عَنْ الاعْتِدَالِ فَأُمِرَتْ أَنْ
تَصُومَ فِي غَيْرِ أَوْقَاتِ الْحَيْضِ" اهـ باختصار .
ما زاد من أيام العادة على 15 يوماً هل تعتبره حيضاً أم تصوم؟
أعاني من فرط الطمث وأيام العادة غير منتظمة ، فإذا زادت الأيام عن 10 أو 15 يوماً هل يجوز لي أن أصلي أم لا ؟.
الحمد لله
ليس في الشرع دليل ثابت يبيِّن أقل مدة للحيض أو أكثره ، وقد سئل
الشيخ ابن عثيمين : هل لأقل الحيض وأكثره حد معلوم بالأيام ؟ فأجاب : " ليس لأقل الحيض ولا لأكثره حدٌّ بالأيام على الصحيح ؛ لقول
الله عز وجل : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا
النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ) البقرة/222
. فلم يجعل الله غاية المنع أياماً معلومة ، بل جعل غاية
المنع هي الطهر ، فدل هذا على أن علة الحكم هي الحيض وجوداً أو عدماً ، فمتى وجد
الحيض ثبت الحكم ، ومتى طهرت منه زالت أحكامه ، ثم إن التحديد لا دليل عليه ، مع أن
الضرورة داعية إلى بيانه ، فلو كان التحديد بسنٍّ أو زمن ثابتاً شرعاً لكان
مبيَّناً في كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام ، فبناء عليه : فكل ما رأته
المرأة من الدم المعروف عند النساء بأنه حيض فهو دم حيض من غير تقدير ذلك بزمن معين
، إلا يكون الدم مستمراً مع المرأة لا ينقطع أبداً ، أو ينقطع مدة يسيرة كاليوم
واليومين في الشهر ، فإنه حينئذٍ يكون دم استحاضة . "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (11/271) .
وعلى هذا فلا يجوز لكِ أن تصلي إلا بعد انقطاع الدورة الشهرية
والاغتسال من الحيض ، ويعرف انقطاع دم الحيض بإحدى علامتين : إما نزول القصة
البيضاء - وهو سائل أبيض يخرج عند انتهاء الحيض - ، وإما بالجفاف التام للدم .
وللمزيد : يُراجع جواب السؤال رقم (
5595 ) ففيه زيادة تفصيل . والله أعلم . هل يجب على هؤلاء الصوم ؟ وهل يلزمهم القضاء ؟
هناك
صبي كان يصوم رمضان قبل أن يبلغ ، وفي أثناء صومه في نهار رمضان بلغ فهل
يجب عليه قضاء ذلك اليوم ؟ وكذلك الكافر إذا أسلم ؟ وكذلك الحائض إذا طهرت ؟
وكذلك المجنون إذا أفاق ؟ وكذلك المسافر إذا عاد وكان مفطراً ؟ وكذلك
المريض إذا تعافى وكان قد أفطر ؟ فماذا على هؤلاء من حيث الإمساك في ذلك
اليوم والقضاء ؟.
الحمد لله
هؤلاء المذكورون في السؤال ليس حكمهم واحداً ، وسبق أن ذكرنا
اختلاف العلماء وشيئا من أقوالهم في جواب السؤال رقم (49008)
. ويمكن تقسيم هؤلاء المذكورين في السؤال إلى مجموعتين : فالصبي إذا بلغ ، والكافر إذا أسلم ، والمجنون إذا أفاق لهم حكم
واحد ، وهو وجوب الإمساك ولا يجب عليهم القضاء . وأما الحائض إذا طهرت والمسافر إذا أقام والمريض إذا شفي فحكمهم
واحد أيضا ، فلا يجب عليهم الإمساك ولا يستفيدون بإمساكهم شيئاً ، ويجب عليهم
القضاء . والفرق بين المجموعة الأولى والثانية : أن المجموعة الأولى وجد
فيهم شرط التكليف ، وهو البلوغ والإسلام والعقل . وإذا ثبت تكليفهم وجب عليهم
الإمساك , ولا يلزمهم القضاء لأنهم أمسكوا حين وجب عليهم الإمساك ، أما قبل ذلك فلم
يكونوا مكلفين بالصيام . وأما المجموعة الثانية فإنهم مخاطبون بالصيام لذا كان واجباً في
حقهم ، لكن وُجد عندهم عُذرٌ يبيح لهم الفطر , وهو الحيض والسفر والمرض فخفف الله
عنهم وأباح لهم الفطر ، فزالت حرمة اليوم في حقهم ، فإذا زالت أعذارهم أثناء النهار
لم يستفيدوا شيئا من إمساكهم ، ولزمهم القضاء بعد رمضان . قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى : " إذا قدم المسافر إلى بلده وهو مفطر : فإنه لا يجب عليه الإمساك
، فله أن يأكل ويشرب بقية يومه ؛ لأن إمساكه لا يفيده شيئاً لوجوب قضاء هذا اليوم
عليه ، هذا هو القول الصحيح ، وهو مذهب مالك والشافعي ، وإحدى الروايتين عن الإمام
أحمد رحمه الله لكن لا ينبغي له أن يأكل ويشرب علناً " انتهى
. " مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19 / السؤال رقم 58 ) .
وقال أيضا : " إذا طهرت الحائض أو النفساء أثناء النهار لم يجب عليها الإمساك
، ولها أن تأكل وتشرب ، لأن إمساكها لا يفيدها شيئاً لوجوب قضاء هذا اليوم عليها ،
وهذا مذهب مالك والشافعي وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد ، وروي عن ابن مسعود رضي
الله عنه أنه قال : ( من أكل أول النهار فليأكل آخره ) ، يعني : من جاز له الفطر
أول النهار جاز له الفطر في آخره " انتهى
. " مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19 / السؤال رقم 59 ) .
وسئل الشيخ أيضا : من أفطر في نهار رمضان لعذر شرعي فهل يجوز له أن يأكل ويشرب بقية
اليوم ؟ فأجاب بقوله : " يجوز له أن يأكل ويشرب ؛ لأنه أفطر بعذر شرعي ، وإذا أفطر بعذر
شرعي فقد زالت حرمة اليوم في حقه ، وصار له أن يأكل ويشرب ، بخلاف الرجل الذي أفطر
في نهار رمضان بدون عذر ، فإنا نلزمه بالإمساك ، وإن كان يلزمه القضاء ، فيجب
التنبه للفرق بين هاتين المسألتين " انتهى
. " مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19 / السؤال رقم 60 ) .
وقال أيضا : " ذكرنا أثناء بحثنا في الصيام أن المرأة إذا كانت حائضاً وطهرت
في أثناء النهار : فإن العلماء اختلفوا هل يجب عليها أن تمسك بقية اليوم فلا تأكل
ولا تشرب ، أو يجوز لها أن تأكل وتشرب بقية اليوم ، وقلنا : إن في ذلك روايتين عن
الإمام أحمد رحمه الله : إحداهما : - وهي المشهور من المذهب - أنه يجب عليها
الإمساك ، فلا تأكل ولا تشرب . والثانية : أنه لا يجب عليها الإمساك ، فيجوز لها أن تأكل وتشرب
، وقلنا : إن هذه الثانية هي مذهب مالك والشافعي رحمهما الله ، وإن ذلك هو المروي
عن ابن مسعود رضي الله عنه فإنه قال : ( من أكل أول النهار فليأكل آخره ) ، وقلنا :
إن الواجب على طالب العلم في مسائل الخلاف الواجب عليه أن ينظر في الأدلة ، وأن
يأخذ بما ترجح عنده منها ، وأن لا يبالي بخلاف أحد ما دام أن الدليل معه ؛ لأننا
نحن مأمورون باتباع الرسل ؛ لقوله تعالى : ( وَيَوْمَ يُنَـادِيهِمْ فَيَقُولُ
مَاذَا أَجَبْتُمُ ٱلْمُرْسَلِينَ ) . وأما الاحتجاج بما صح به الحديث حيث أمر النبي صلى الله عليه
وسلم بصيام عاشوراء في أثناء اليوم ، فأمسك الناس بقية يومهم ، نقول : لا مستند لهم
في هذا الحديث ؛ لأن صوم يوم عاشوراء ليس فيه زوال مانع ، وإنما فيه تجدد وجوب ،
وفرق بين زوال المانع وتجدد الوجوب ؛ لأن تجدد الوجوب معناه أن الحكم لم يثبت قبل [
وجود ] سببه ، وأما زوال المانع فمعناه أن الحكم ثابت مع المانع لولا هذا المانع ،
ومادام هذا المانع موجوداً مع وجود أسباب الحكم ، فمعناه أن هذا المانع لا يمكن أن
يصح معه الفعل لوجوده ، ونظير هذه المسألة التي أوردها السائل نظيرها : ما لو أسلم
إنسان في أثناء اليوم ، فإن هذا الذي أسلم تجدد له الوجوب ، ونظيرها أيضاً : ما لو
بلغ الصبي في أثناء اليوم وهو مفطر ، فإن هذا تجدد له الوجوب فنقول لمن أسلم في
أثناء النهار : يجب عليك الإمساك ، ولكن لا يجب عليك القضاء ، ونقول للصبي إذا بلغ
في أثناء النهار : يجب عليك الإمساك ، ولا يجب عليك القضاء ، بخلاف الحائض إذا طهرت
، فإنه بإجماع أهل العلم يجب عليها القضاء ، الحائض إذا طهرت أثناء النهار أجمع
العلماء على أنها إن أمسكت بقية اليوم لا ينفعها هذا الإمساك ولا يكون صوماً ، وأن
عليها القضاء ، وبهذا عرف الفرق بين تجدد الوجوب وبين زوال المانع ، فمسألة الحائض
إذا طهرت من باب زوال المانع ، ومسألة الصبي إذا بلغ أو ما ذكره السائل من إيجاب
صوم يوم عاشوراء قبل أن يفرض رمضان ، هذا من باب تجدد الوجوب ، والله الموفق "
انتهى
. " مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19 / السؤال رقم 60 ) .
لم تتقين من طهارتها من الحيض فصلَّت وصامت
لقد
اغتسلت في الليل عند السحور لأنني أعلم أن الدورة ستنتهي اليوم ، وتسحرت ،
وصمت وصليت أيضا ، ولم ينزل أي شي خلال الفترة من الفجر إلى وقت أذان
المغرب ، وعندما أردت الذهاب إلى الصلاة اكتشفت أن الدورة انتهت عندي ، فهل
صيامي وصلاتي صحيحان ؟.
الحمد لله
لا يجوز للمرأة الحائض أن تبادر إلى الاغتسال من حيضتها والصلاة
والصيام قبل التيقن من انتهائها . وتَعرف المرأة انتهاء حيضتها بخروج سائل أبيض معروف لديهن وهو
القَصَّة البيضاء ، وبعض النساء تعرف طهرها بجفاف الدم . فعلى المرأة أن لا تغتسل من الحيض حتى تتيقن حصول الطهر . قال الإمام البخاري رحمه الله : بَاب إِقْبَالِ الْمَحِيضِ وَإِدْبَارِهِ ، وَكُنَّ نِسَاءٌ
يَبْعَثْنَ إِلَى عَائِشَةَ بِالدُّرَجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ فِيهِ الصُّفْرَةُ ،
فَتَقُولُ : لا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ . تُرِيدُ
بِذَلِكَ الطُّهْرَ مِنْ الْحَيْضَةِ . وَبَلَغَ بِنْتَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ
نِسَاءً يَدْعُونَ بِالْمَصَابِيحِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ يَنْظُرْنَ إِلَى
الطُّهْرِ ، فَقَالَتْ : مَا كَانَ النِّسَاءُ يَصْنَعْنَ هَذَا ، وَعَابَتْ
عَلَيْهِنَّ . انتهى
. (بِالدُّرَجَةِ) : ما تحتشي به المرأة من قطنة وغيرها لتعرف هل
بقي من أثر الحيض شيء أم لا . (الْكُرْسُفُ) هو القطن . (الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ) أي حتى تخرج القطنة بيضاء نقية لا
يخالطها صفرة . قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : " اتفق العلماء على أن إقبال المحيض يعرف بالدفعة من الدم في وقت
إمكان الحيض , واختلفوا في إدباره فقيل : يعرف بالجفوف , وهو أن يخرج ما يحتشي به
جافا , وقيل : بالقصة البيضاء وإليه ميل المصنف – أي : البخاري - . . وفيه : أن القصة البيضاء علامة لانتهاء الحيض ويتبين بها ابتداء
الطهر , واعترض على من ذهب إلى أنه يعرف بالجفوف بأن القطنة قد تخرج جافة في أثناء
الأمر فلا يدل ذلك على انقطاع الحيض , بخلاف القصة وهي ماء أبيض يدفعه الرحم عند
انقطاع الحيض ، قال مالك : سألت النساء عنه فإذا هو أمر معلوم عندهن يعرفنه عند
الطهر " انتهى
. "فتح الباري" (1/420) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى : إذا طهرت الحائض قبل
الفجر واغتسلت بعد ، فما الحكم ؟ فأجاب : " صومها صحيح إذا تيقنت الطهر قبل طلوع الفجر ، المهم أن المرأة
تتيقن أنها طهرت ؛ لأن بعض النساء تظن أنها طهرت وهي لم تطهر ، ولهذا كانت النساء
يأتين بالقطن لعائشة - رضي الله عنها - فيرينها إياه علامة على الطهر ، فتقول لهن :
لا تعجَلْنَ حتى ترينَ القصَّة البيضاء . فالمرأة عليها أن تتأنى حتى تتيقن أنها طهرت ، فإذا طهرت فإنها
تنوي الصوم وإن لم تغتسل إلا بعد طلوع الفجر ، ولكن عليها أيضاً أن تراعي الصلاة
فتبادر بالاغتسال لتصلي صلاة الفجر في وقتها ... . "مجموع فتاوى الشيخ ابن
عثيمين" (17/السؤال رقم 53) .
والسائلة قد اغتسلت في وقت لم تتيقن فيه انتهاء الحيض ،
واكتشافها الحقيقي لطهارتها من الحيض جاء متأخراً ، فقد كان بعد غروب الشمس على حسب
قولها . فعلى هذا ، ما فعلته السائلة غير صحيح ، وصيامها في هذا اليوم لم
يكن صحيحاًَ ، فعليها قضاء ذلك اليوم . نسأل الله لها التوفيق للعلم النافع والعمل الصالح . والله أعلم . نزول الدم بسبب عملية هل يمنع الصيام ؟
أنا
ولدت قبل أكثر من شهرين ، ولم ينقطع دم النفاس إلى الآن ، فاكتشفت طبيبة
السونار وجود قطعة من مشيمة الطفل ، فقمت بعملية لإزالتها ، وهذا بعد مرور
الأسبوع الأول من رمضان ، وأنا لم أصم إلا بعد العملية ، رغم أن الدم لم
ينقطع ، فماذا أفعل الآن ؟ وهل صومي صحيح ؟ وهل يمكن الجماع الآن والدم
قليل جدّاً الآن بعد العملية ؟.
الحمد لله
أقصى مدة للنفاس هي أربعون يوماً ، وبعدها تكون المرأة طاهراً ،
تصلي وتصوم ويأتيها زوجها ولو نزل الدم ، وهذا الدم النازل بعد الأربعين يكون نزيفا
وليس نفاساً . وقد سبق بيان ذلك بأدلته في جواب السؤال رقم (10488)
. وعلى هذا ، فصومك بعد إجراء العملية صحيح ، ولو كان الدم نازلاً
. وعليك قضاء الأسبوع الأول من رمضان الذي لم تصوميه . وأما الصلوات التي تركتيها بعد الأربعين يوماً ، فلا يلزمك
قضاؤها إن شاء الله تعالى . وانظري جواب السؤال رقم (45648)
. والله أعلم . ظنت أن الدم النازل مع السقط دم نفاس فأفطرت
في
يوم من رمضان ذهبت إلى المستشفى لإسقاط الحمل الذي لم يتم 3 أشهر تناولت
بعض الأدوية وبعد الإجهاض أكلت بعض الأكل ظنا مني أنه جائز لي أن آكل . لكن
بعد الرجوع إلى البيت بحثت عبر الإنترنت وعلمت أنه يجب علي الصوم وكذلك
الصلاة لأن ذلك الدم دم فساد فقضيت ذالك اليوم بعد خروج رمضان . هل يكفي ما
فعلته أم ماذا يجب علي القيام به ؟.
الحمد لله
أولا : سبق بيان حكم الإجهاض المتعمد في جواب السؤال رقم (42321)
فراجعيه . كما سبق بيان الأحكام المترتبة على سقوط الجنين في مراحله
المختلفة في جواب السؤال رقم (12475)
. ثانيا : إذا أسقطت المرأة جنينها ولم يتبين فيه خلق الإنسان كالرأس
والأطراف ، فالدم النازل معه دم فساد ، لا يمنع الصلاة والصوم ، وإن تبين فيه خلق
إنسان فهو دم نفاس ، وأقل مدة يتبين فيها خلق الإنسان هي واحد وثمانون يوما ، كما هو
مبين في الجواب رقم (37784) ثالثا : إذا أفطرت ظنا منك أن الدم النازل هو دم نفاس ، ثم تبين أنه دم
فساد ، وقضيت الصوم والصلاة ، فلا شيء عليك ، وإن لم تكوني قضيت صلاة ذلك اليوم
فبادري بقضائها . وفقنا الله وإياك لطاعته ومرضاته . والله أعلم . عاد إليها دم النفاس وهي صائمة
إذا
طهرت النفساء خلال أسبوع وصامت مع المسلمين في رمضان أياماً معدودة ثم عاد
إليها الدم هل تفطر في هذه الحالة ؟ وهل يلزمها قضاء الأيام التي صامتها
والتي أفطرتها ؟
الحمد لله
"إذا طهرت النفساء في الأربعين فصامت أياماً ثم عاد إليها الدم في الأربعين فإن
صومها صحيح ، وعليها أن تدع الصلاة والصيام في الأيام التي عاد فيهل الدم – لأنه
نفاس – حتى تطهر أو تكمل الأربعين ، ومتى أكملت الأربعين وجب عليها الغسل ، وإن لم
تر الطهر ، لأن الأربعين هي نهاية النفاس في أصح قولي العلماء ، وعليها بعد ذلك أن
تتوضأ لوقت كل صلاة حتى ينقطع عنها الدم ، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك
المستحاضة ، ولزوجها أن يستمتع بها بعد الأربعين ، وإن لم تر الطهر ، لأن الدم
والحال ما ذكر دم فساد لا يمنع الصلاة ولا الصوم ، ولا يمنع الزوج من استمتاعه
بزوجته .
لكن إن وافق الدم بعد الأربعين عادتها في الحيض فإنها تدع الصلاة والصوم وتعتبره
حيضاً . والله ولي التوفيق" انتهى .
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .
"فتاوى إسلامية" (2/146) .صامت مع الشك في غسلها من الحيض فهل يلزمها القضاء؟
أنا
امرأة أعاني من مشكلة الوسواس القهري في العبادات وخصوصا في الطهارة فأنا
عندما يأتيني الحيض لا أنتظر حتى أرى الطهر فمجرد الجفاف أغتسل لإحساسي
بالذنب لعدم الصلاة وأعاود الاغتسال مرتين وأكثر فأنا قبل رمضان بيومين
اغتسلت من الحيض وبعد أربعة وعشرين ساعة رأيت كدرة تميل إلى الاحمرار
فتتبعت أثر الكدرة بمنديل واغتسلت في الليل بنية صيام أول أيام رمضان وصمت
اليوم الأول وصمت اليوم الثاني من رمضان وعند صلاة العصر من اليوم الثاني
من رمضان رأيت القليل من الصفرة مع مثل التراب فلم أعاود الغسل واستمريت في
الصوم إلى نهاية رمضان . الآن بعد رمضان أحس بالذنب أن صومي غير صحيح وأنه
علي إعادة الصوم لعدم الغسل مرة أخرى فأفتوني جزاكم الله خيرا هل صومي
صحيح أم أنه علي إعادة الصوم مرة أخرى ؟ وبماذا تنصحوني جزاكم الله عني خير
جزاء .
الحمد لله
أولاً :
علاج الوسوسة بأمرين يسيرين :
الأول : الإكثار من ذكر الله تعالى وطاعته ، فهذا سبيل راحة النفس واستقرارها
وطمأنيتها ، ودفع أذى الشيطان ووسوته ، كما قال تعالى : (الَّذِينَ آَمَنُوا
وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ
الْقُلُوبُ ) الرعد/28
، وقال : (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ
ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً
وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ . فَإِذَا
قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ .
إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ
يَتَوَكَّلُونَ ) النحل/97 . 99
، وقال سبحانه : (قُلْ
أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ . مَلِكِ النَّاسِ . إِلَهِ النَّاسِ . مِنْ شَرِّ
الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ . الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ . مِنَ
الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ) سورة الناس .
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره : " قال سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله :
(الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ) قال : الشيطان جاثم على قلب ابن آدم ، فإذا سها وغفل
وسوس ، فإذا ذكر الله خَنَس . وكذا قال مجاهد، وقتادة .
وقال المعتمر بن سليمان ، عن أبيه : ذُكرَ لي أن الشيطان ، أو الوسواس ينفث في قلب
ابن آدم عند الحزن وعند الفرح ، فإذا ذكر الله خنس " انتهى .
والأمر الثاني : هو الإعراض عن الوسوسة ، والتشاغل عنها ، وعدم الالتفات إليها ،
وترك التجاوب معها ، فهذا كفيل برفعها والعافية منها .
وهذا الدواء وإن كان صعبا في بادئ الأمر ، فإنه سهل يسير بعد ذلك ، وما عليك سوى
الاجتهاد وبذل الوسع ، وسؤال الله تعالى العون . قال تعالى : (وَالَّذِينَ
جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ
الْمُحْسِنِينَ) العنكبوت/69 .
وقد سئل ابن حجر المكي رحمه الله : عن داء الوسوسة هل له دواء ؟
فأجاب : "له دواء نافع ، وهو الإعراض عنها جملة كافية ، وإن كان في النفس من التردد
ما كان ، فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت ، بل يذهب بعد زمن قليل ، كما جَرَّب ذلك
الموفقون ، وأما من أصغى إليها وعمل بقضياتها فإنها لا تزال تزداد به حتى تُخرجه
إلى حيز المجانين ، بل وأقبح منهم ، كما شاهدناه في كثيرين ممن ابتلوا بها وأصغوا
إليها وإلى شيطانها" انتهى من "الفتاوى الفقهية الكبرى" (1/149) .
ثانياً :
يحصل الطهر من الحيض بإحدى علامتين :
الأولى : الجفاف التام بحيث لو احتشت المرأة بقطنة ونحوها خرجت نظيفة ، لا أثر
عليها من دم أو صفرة أو كدرة .
والثانية : نزول القصة البيضاء ، وهي ماء أبيض تعرفه النساء .
ولا ينبغي التعجل في الغسل حتى يحصل اليقين بالطهر ، قال البخاري رحمه الله في
صحيحه : "بَاب إِقْبَالِ الْمَحِيضِ وَإِدْبَارِهِ وَكُنَّ نِسَاءٌ يَبْعَثْنَ
إِلَى عَائِشَةَ بِالدُّرَجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ فِيهِ الصُّفْرَةُ فَتَقُولُ :
لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ . تُرِيدُ بِذَلِكَ
الطُّهْرَ مِنْ الْحَيْضَةِ" .
ورواه مالك في الموطأ برقم (130) .
والدُّرْجة : هو الوعاء الذي تضع المرأة فيه طيبها ومتاعها ، والكرسف : القطن ،
والصفرة : الماء الأصفر .
ثالثاً :
إذا رأيت الجفاف التام ، واغتسلت ، ثم نزلت كدرة أو صفرة ، فلا يضرك ذلك ؛ لأن
الصفرة أو الكدرة بعد الطهر ليست حيضا ؛ لحديث أم عطية رضي الله عنها قالت : (كنا
لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئاً) . رواه أبو داود (307 ) وصححه
الألباني في صحيح أبي داود .
وليس هناك تقصير أو إثم على من أخرت الغسل والصلاة حتى تتأكد من طهرها ، بل هذا هو
الواجب عليها ؛ لحرمة الصلاة حال الحيض .
رابعاً :
على فرض أنك اغتسلت قبل الطهر الصحيح ، ثم لم تعيدي الغسل ، فلا يصح صومك اليوم
الأول والثاني ، لأنك كنت حائضاً ، أما ما بعد ذلك من الأيام فصومها صحيح ، لأن
الصوم لا يشترط له الغسل من الحيض ولا من الجنابة .
وعلى هذا ؛ فإن كنت رأيت الجفاف التام فاغتسالك صحيح ، وصومك صحيح .
وإن كنت تعجلت واغتسلت وصمت قبل حصول الجفاف التام فعليك قضاء صوم اليومين الأول
والثاني ، وأما بقية الشهر فصيامك صحيح ، ولا يلزمك فيه شيء .
ونصيحتنا لك ما هو قدمناه من ضرورة علاج الوسوسة والتخلص منها وعدم الالتفات لها .
نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد .
والله أعلم .إذا صامت المرأة وهي حامل وعليها نزيف
السؤال
:
صمت من رمضان الشهر كله ، وأنا غالب ظني أن صيامي غير سليم حيث كان عندي
جنين في بطني ومعي نزيف ، وأنا الآن صحتي ضعيفة ولا أستطيع الصيام . فإذا
كان لم يصح صيامي فماذا أفعل؟
الجواب :
الحمد لله
"إذا صامت المرأة وفي بطنها جنين ومعها نزيف الدم فصومها صحيح ؛ لأن هذا النزيف
الذي معها وهي حامل لا يؤثر شيئاً ولا يعتبر حيضاً ولا نفاساً ؛ لأن الولد موجود في
البطن ، فليس بنفاس ، وليس بحيض ؛ لأن الغالب أن الحامل لا تحيض ، وعلى قول من قال
: إن الحامل قد تحيض ، فيشترطون أن يكون الدم مستقيماً على عادته الأولى .
فإذا كانت المرأة التي سألت عن هذا السؤال إنما دمها ملتبس عليها ومتغير ؛ نزيف
يتقطع ويختلف ليس على عادته الأولى القديمة التي تراها قبل الحمل هذا كله دم فاسد
، وصومها صحيح ، وليس عليها قضاء الصوم والحمد لله ؛ لأن الدم الذي مع الحامل في
الغالب يكون دماً فاسداً مختلاً يزيد وينقص ويتقدم ويتأخر ويتنوع ، فهو لا يعتبر .أما
لو قدر أنه على حالته الأولى قبل الحمل لم يتغير بل جاء في عادته فهذا قال بعض أهل
العلم : إنه حيض ، وان عليها أن تجلس ولا تصوم ، قاله جماعة من العلماء .
وذهب آخرون من أهل العلم أنه ولو كان على عادته وعلى حاله الأولى لا يعتبر ، وأن
الحامل لا تحيض . هذا قول مشهور عن أهل العلم . لكن الغالب أن الحامل إنما يأتيها
دم مضطرب متغير نزيف لا يستقر له قرار ، فهذا لا يعتبر عند الجميع ولا يلتفت إليه ،
بل صومها صحيح وصلاتها صحيحة .
وعليها في هذه الحالة أن تتحفظ بقطن ونحوه وتتوضأ لوقت كل صلاة ، إذا دخل الوقت
تتوضأ لكل صلاة وتصلي بطهارتها ولو أن الدم لا يزال يخرج معها ؛ لأنها مبتلاة بهذا
الشيء مثل صاحب سلس البول ومثل المستحاضة التي ليست حاملاً سواء بسواء ؛ فهذا الدم
الجاري معها دم فاسد لا يضرها .
لكنها تستنجي بعد دخول الوقت وتتوضأ وضوء الصلاة وتصلي على حسب حالها .
وإذا جمعت بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء كما علم النبي بعض الصحابيات عليه
الصلاة والسلام ، وإذا اغتسلت مع ذلك عند صلاة الظهر والعصر غسلاً واحداً والمغرب
والعشاء غسلاً واحداً من باب النظافة والنشاط هذا حسن ، لأن النبي صلى الله عليه
وسلم أوصى به بعض النساء المستحاضات" انتهى .
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (3/1227) .لا تنسوني من خالص دعائكم